Actualités et évènements
اليوم العالمي للتوعية بالتوحد
التوحد هو مصطلح عام يضم مجموعة من الاضطرابات المتعددة تجمع تحت تسمية "اضطرابات طيف التوحد" (تختصر ب TSA بالفرنسية)، عوضت هذه التسمية مصطلح التوحد للتحدث عن هذه العائلة من الاضطرابات التي تنتج عن خلل في تطور الدماغ منذ نمو الجنين. تسبب اضطرابات طيف التوحد صعوبات في التواصل والتفاعلات الاجتماعية بالإضافة إلى سمات سلوكية خاصة وردود فعل حسية وعاطفية قوية جدًا في بعض الأحيان. تلاحظ تظاهرات اضطرابات طيف التوحد منذ الصغر والطفولة المبكرة وتستمر طيلة الحياة لدى الشخص البالغ، تسبب هذه الاضطرابات أيضا صعوبات في التعلم والاندماج الاجتماعي.
غالبا ما يضن مجموعة من الناس أن التوحد هو إعاقة ذهنية تؤثر على ذكاء الأشخاص المصابين، تتعدد أشكال وأنواع اضطرابات طيف التوحد بحيث يكون لكل شكل خصائصه ومميزاته الخاصة، يمكن لبعض أنواع التوحد أن تسبب إعاقة ذهنية، غير أنه ليست هذه بالقاعدة العامة، يمكن لأشخاص مصابين بالتوحد أن يتمتعوا بقدرات ذهنية طبيعية أو تفوق متوسط الذكاء. عندما ترافق اضطرابات طيف التوحد أمراض جينية معيقة جدا، فيمكن لذلك أن يسبب إعاقة ذهنية حادة.
بشكل عام، يعاني الأشخاص المصابون بالتوحد من صعوبات في التواصل مع الآخرين تختلف درجتها حسب الحالات، يمكن للأشخاص المصابين بالتوحد أن يعانوا أيضا من اضطرابات اللغة الشفوية التي تتجلى في تكرار نفس الكلمات أو الجمل، واستعمال صيغ معقدة، وعدم استخدام مصطلحات مجردة. علاوة على ذلك، تسبب اضطرابات طيف التوحد صعوبات في التواصل غير اللفظي تكمن في حضور ضعيف لتعبيرات الوجه والحركات والإيماءات وكذلك صعوبات في النظر للآخرين على مستوى العينين. فوق هذا كله، يصعب عامة على الشخص المصاب بالتوحد الإحساس والتفاعل مع مشاعر الغير مما يؤثر بشكل كبير على المهارات الاجتماعية.
من جهة أخرى، تؤثر اضطرابات طيف التوحد على سلوك الأشخاص المصابين حيث تظهر اضطرابات السلوك على شكل تكرير وإعادة نفس السلوكيات التي يمكن أن تصبح مضرة أو خطرة على سلامة الشخص الجسدية. لا يطيق الأشخاص المصابون بالتوحد التغيير بل يفضلون الاستقرار وتتبع عادات ثابتة في كل جوانب الحياة اليومية (التغذية، اللباس، الأنشطة اليومية، استعمال الزمن). تولد المواقف والأحداث غير المتوقعة لدى المتوحدين إحساس بالقلق والغضب والعدوانية، بعض المؤثرات مثل الضوء أو الصخب أو الروائح أو الملامسة الجسدية تسبب حسية كبيرة وإزعاجا عند الأشخاص المصابين بالتوحد. أخيرا، ورغم الانطباع الذي يعطيه الأشخاص المصابون بالتوحد بعدم المبالاة بمشاعر الغير والصعوبات في تعبير مشاعرهم الشخصية، فهؤلاء الأشخاص هم غالبا مفرطي أو قليلي الحسية.
نظرًا للتنوع الكبير لاضطرابات طيف التوحد، تختلف تجليات وأعراض المرض من شخص لآخر ولا يمكن تعميمها على كل حالات التوحد. أصل اضطرابات طيف التوحد تأتي من اختلالات في نمو وانتظام شبكات مختصة في الدماغ، خاصة تلك المتعلقة بالتواصل الاجتماعي والسلوك، اضطرابات طيف التوحد هو مرض له أصول وأسباب متعددة العوامل تحاول الأبحاث فهمها بشكل أفضل. العامل الجيني متورط في المرض بشكل كبير وترافقه عوامل أخرى خاصة العوامل البيئية التي يشك في رفعها لأخطار ظهور اضطرابات طيف التوحد. الشيء الأكيد هو أن هذه الاضطرابات تتطلب عناية ورعاية متلائمة مع خصائص كل فرد وتتناسب مع حاجياته لتسهيل تأقلمه واندماجه مع العالم الخارجي.
اليوم العالمي للتوعية بالتوحد، الذي يتم تنظيمه في 2 أبريل من كل سنة، هو حدث توعوي دولي يهدف إلى تعريف هذه الاضطرابات وتجلياتها بأكثر دقة لعامة الناس. هذا الموعد السنوي هو مناسبة تجمع العلماء والباحثين في إطار تبادل للمعاريف من أجل فك أسرار هذا المرض وتحديد أصله بدقة. في سنة 2022، اختارت منظمة الأمم المتحدة كموضوع لهذا اليوم: "تربية وتكوين جيد يشمل الجميع"، هذا الموضوع يركز على تشجيع المجهودات المتخذة لتسهيل ولوج الأشخاص المصابين بالتوحد لتعليم ذو جودة ومتلائم مع احتياجاتهم.